المَـرْأَةُ وَنَشْـأَةُ عِلْـمِ النَّحْـوِ (2/6)
بقلم أ. د. عبد الله جاد الكريم
لقد اهتمَّ العلماء والنحاة العرب بالتعريف بالمرأة ؛ فقالوا : المرأة مؤنث المرء،وليس لها جمعٌ من لفظها؛وإنما تُجمع على نساء أو نسوة أو نسوان؛ فليس لهنَّ مفرد من لفظهنَّ أيضًا،ويقال:نسوة، والجمع الكثير:نساء، وقيل:نساء جمع نسوة ..الخ.[ينظر: لسان العرب (1 /156) مادة (عرب)، وكتاب سيبويه (4/149)، والمقتضب (2/292)، وإملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات (1/83 )، وإعراب القرآن للنحاس (2/325)]، وقد اهتمَّ النحاة العرب وعلماء اللغة بوضع مصطلحات علم النحو العربي، ومن بين ذلك اهتمامهم بقضية الإعراب؛
وهى أهم سمات اللغة العربية، ومن فرط اهتمامهم بالإعراب سموا علم النحو “علم الإعراب”، ومصطلح الإعراب هذا مأخوذ من المرأة العروب؛ أي: التي تُرضي زوجها، يقـول ابن الأنباري:”سُمِّيَ إعرابًا؛ لأنَّ المُعربَ للكلام كأنَّه يتحبب إلى السَّامع بإعرابه من قولهم: امرأةٌ عروبٌ؛ إذا كانت متحببة إلى زوجها”.[ ينظر:سنن البيهقي الكبرى (1/123)، وسنن ابن ماجه (1/602)، وأسرار العربية (1/41) ]، ومنه قوله :”الثيب تعرب عن نفسها”؛ أي:تفصح[مختار الصحاح (1/177) مادة (عرب)].
ولقد أورد العلماء العرب العديد من الروايات عن أسباب نشأة علم النحو وبداية هذه النشأة إلا أنَّه تُوجد رواية تقول:”روي أنَّ أبا الأسود (ت69هـ) دخل على ابنة له بالبصرة، فقالت له: يا أبتِ ما أشدُّ الحر! (متعجبة) ورفعت “أشدُّ” فظنها مستفهمة، فقال: شهر ناجر ـ وفي رواية أخرى قال: الحصباء بالرمضاء ـ فقالت: يا أبتِ إنَّما أخبرتُكَ ولم أسألْكَ.. فأتى أبو الأسود عليَّ بن أبي طالب فقال: يا أمير المؤمنين، ذهبت لغة العرب، يوشك إذا تطاول عليها زمانٌ أن تضمحلَّ، فقال له:وما ذلك؟ فأخبره خبر ابنته، فقال الإمام: هلمَّ صحيفة، ثم أملى عليه:”الكلام لا يخرج عن اسم، وفعل، وحرف؛ جاء لمعنى”، ثم رسم له رسومًا، ثم قال له: اسلك هذا النحو، فلذلك سمى النحو بهذا الاسم.
وقال ابن عساكر في تاريخه: ويقال: إن ابنته قالت له يومًا: يا أبت ما أحسنُ السماء، فقال: أي بنية نجومها، قالت: إِنِّي لم أرد أي شيء منها أحسن؛ إنَّـما تعجبت من حُسنِهَا، قال: إذن فقولي: ما أحسنَ السماء،.. فحينئذ وضع كتابًا [ ينظر: الفهرست لابن النديم (ص40)،وسبب وضع علم العربية (1/53)،وطبقات النحويين للزبيدي (ص13)، والمدارس النحوية (ص11)]
وعلية فإنَّ المرأة ” ابنة أبي الأسود الدؤلي” بسببها بدأ التفكير في وضع علم النحو ، وذلك لا يمنع وجود أسباب عديدة أخرى دفعت العرب لاستحداث علم النحو .