بلسم عبدالملك”.. شارع شبرا العمومي رقم199

كتبت – أميمة حسين

صحفية خرجت من رحم ثورة 1919 مشاركة فى النهضة المصرية ومن أوائل المصريات اللاتي طالبن بالاستقلال وأسهمت وخطبت فى الأزهر والمساجد والكنائس والشوارع، وكانت إحدى الكاتبات ذوات المنهج الواضح والأسلوب الصريح فى معالجة مشكلات المجتمع العربى. …

ولدت بلسم عبد الملك في صعيد مصر بمركز أبنوب التابع لمديرية أسيوط تنتمي إلي عائلة ثرية تسمي بعائلة أبي الخير. … اهتم والداها بتربيتها وتعليمها فالتحقت بمدرسة أخوية الراهبات الفرنسيات التابعة للإرسالية الكاثوليكية الفرنسية حيث نالت أرقي الشهادات الدراسية وأتقنت في تلك الفترة المبكرة من حياتها اللغتين الفرنسية والعربية . ….. وعقب تخرجها مباشرة من الجامعة التحقت بمجال التدريس فتم تعيينها في مدرسة بنات طنطا القبطية, وظلت تتدرج في المناصب الوظيفية المتعددة في وزارة المعارف المصرية ليتم تعيينها بعد ذلك ناظرة لمدرسة البنات المرقسية الإسكندرية. ….

وفي الفترة التي تولت فيها بلسم هذا المنصب عملت علي تنظيم عدد من المدارس في محافظات الجمهورية مثل بني سويف والمحلة الكبري والقاهرة وسوهاج.لتجعل منها آية واضحة في الرقي والنظام والتحضر ثم عينت في وظيفة أستاذة فنية في مدرسة النبات السنية الأميرية بالقاهرة. ….

جمعت بلسم بالزعيم مصطفي كامل علاقة وطيدة وإتضح ذلك في نص الخطبه التى ألقتها ملك فى ذكرى رحيل الزعيم فى 13 فبراير عام 1920. فى حشد من النساء في ساحة الأزهر حيث ذكرت بلسم ان الزعيم عندما علم منها ان اسمها بلسم عبد الملاك طلب منها ان يكون أسمها (بلسم عبدالملك) وليس (عبد الملاك) فاستجابت لطلبه.

كانت بلسم عبدالملك واحدة من أهم رائدات العمل السياسي اللاتي سطع نجمهم في المجتمع العربي . و صوتًا فعالًا من أصوات الحركة الوطنية المصرية في فترة العشرينيات و الثلاثينيات من القرن العشرين , حيث كان لها دورا فاعلا في ثورة 1919 حيث شاركت بالخطب و المظاهرات السياسية النسائية التي كانت تُلقي في الأزهر و المساجد و الكنائس المختلفة،و كانت في كثير من الأحيان تجوب الشوارع و الأحياء و الميادين مطالبة بالإستقلال التام و الجلاء الإنجليزي عن مصر.. … وعندما نشرت مجلة التايمز مقالا للسيرفالنتين ( بعنوان النساء في مصر ) يهاجم فيه بضراوه اوضاع المرأة المصرية قدمت بلسم ردا احتجاجيا.

طالبت فيه بضرورة عقد اجتماع عاجل في بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة, فكانت هذه الدعوة الاحتجاجية بمثابة نواة أساسية لإنشاء جمعية الاتحاد النسائي المصري وتكوين وفد من السيدات المصريات يمثل المرأة المصرية في مختلف المسائل السياسية والاجتماعية وكافة الشئون العامة الأخري الخاصة بها. ..

أصدرت “بلسم عبدالملك” مجلة “المرأة المصرية”، وهى مجلة أدبية علمية، نسائية، صدر العدد الأول منها فى يناير 1920، خرج الغلاف الاول بالمجلة وعليه صورة الاميرة الفرعونية نفرت. ….

كانت المجلة تصدر في الخامس عشر من كل شهر وتطبع في المطبعة المصرية الأهلية بالقاهرة في40صحفة بالحجم المتوسط وتوزع بالقاهرة,وعنوان المكاتبات شارع شبرا العمومي رقم199 بلغت قيمة اشتراكها السنوى ستين قرشا,وتباع للطلبة والطالبات بأسعار خاصة مخفضة تبلغ قيمتها أربعين قرشا فقط.

استقبلت بلسم عبد الملك عبر صفحات مجلتها الجديدة سلسلة من المقالات المهمة الخاصة بأوضاع المرأة المصرية قديما وحديثا لعدد من الكتاب الرجال المؤمنين بالفعل بقضية المرأة,كما جذبت المجلة الكثير من الرائدات والكاتبات المصريات ليعبرن فيها بمنتهي الحرية عن أنفسهن ويبدين رأيهن في كيفية النهوض بحال المرأة المصرية والعمل علي رقيها وتقدمها الدائم. …..

ظلت المجلة تواصل صدورها وعطاءها المتنوع لمدة عشرين عاما تقريبا وصدر العدد الأخير منها في ديسمبر عام1939 حيث توقف تماما عن الصدور بمجرد وفاة صاحبة المجلة بلسم عبد الملك .

وكم انت عظيمه يا مصر بأبنائك المخلصين.