حكاية إمرأة مصرية وفتاة أمريكية

مشاهدة
أخر تحديث : الثلاثاء 24 فبراير 2015 - 10:00 مساءً
حكاية إمرأة مصرية وفتاة أمريكية

حكاية إمرأة مصرية وفتاة أمريكية
A tale of an Egyptian woman and an American girl

برنامج القاصرات الحوامل Pregnant Teens Program كما يبدو من إسمه يتعامل مع الفتيات القاصرات الحوامل. ويقول أن الفتاة التى حملت وحتى لو أصبحت أما و لازالت قاصرا لايجب أن تضيع فرصتها فى التعليم والتعلم، بل يجب على المجتمع والأسرة أن يقوما بتصحيح مسارها ومساعدتها لتعود إلى طريق التعليم والنجاح وطوى صفحة وبدء صفحة أخرى.

برنامج الحوامل القاصراتPregnant Teens Program من ضمن برامج التربية والتعليم هنا. وأى فتاة حامل وهى لازالت فى مراحل التعليم لايمكنها أن تستمر فى مدرستها. يجب أن تغادرها وتلتحق بهذا البرنامج وتكمل تعليمها و”كرشها كبير وبطنها فيها عيل” مع من فى مثل ظروفها.

صعب جدا أن تجد إبنة أصبحت أما وهى لازالت فى حاجة إلى أم. مؤلم أن تجد طفلة مسئولة عن طفلة أخرى هى “إبنتها أو إبنها”. وضع صعب وغير محتمل بالنسبة لأى أحد عادى، فمابال لو كانت إمرأة مثلى قادمة من الشرق الأوسط بكل متناقضاته ومشاكله وصعوده وهبوطه.

إلتقيت بها. فتاة صغيرة جدا (14 سنة ونص) فى الصف التاسع تدرس فى هذا البرنامج. أمضيت اليوم بديلة عن معلمتها ولم يكن هناك سواها فى هذا اليوم. كنت لازلت تحت تأثير صدمة البرنامج وإسمه وهدفه.

نانسى “وهذا ليس إسمها الحقيقى” حرصا على خصوصيتها. تبدو أكبر من عمرها الحقيقى بسبب حجمها الكبير، لكن بشرتها السمراء وملامح وجهها الصغيرة وشعرها الأسود المجعد يدل على طفولتها وصغر عمرها. نعم هى بحق طفلة ولكن هذه الطفلة الصغيرة الجميلة كانت على وشك أن تكون أما.. لولا.. ان تم إجهاضها.

كنت أسحب منها الكلام لتحكى لى عن تجربتها كمن يسحب خيطا من حرير من داخل فمها. الكلام كان قليلا ومقتصرا. ولها كل الحق. فأنا غريبة عنها تماما شكلا وموضوعا وثقافة، وسبب وجودى معها مهمة رسمية أوكلت لى فقط فى هذا اليوم بديلا عن معلمتها التى تعلم عنها وعنهن الكثير.

تبادلنا أحاديثا ودية لكسر حاجز الغربة بيننا. علمت أن لها ثلاث زميلات فى البرنامج لازلن حوامل لم يحضرن اليوم. قالت أنها أحبت جارها الذى يبلغ 17 عاما وأثمر هذا الحب حملا جعلها تترك مدرستها وتنضم للبرنامج. ماذا فعلت أسرتها وماهو رد فعلهم!!. قالت أن أسرتها صدمت فيها وأنها عاشت أياما سوداء فى سواد بشرتها. وأنه تم إجهاضها ليس عن طريق طبيب وليس بواسطة مستشفى. “تم إجهاضى فى البيت” وصمتت ولم تنطق بكلمة وفهمت أنها لاتريد أن تتذكر.. لاتريد أن تحكى.
ساد الصمت بيننا فترة وأنا لاأتصور طفلة يتم أجهاضها وتعيش مثل هذه التجربة المؤلمة. عايشت هذه اللحظات وأنا أشعر بالرعب. فقلت مشجعة وماذا تعلمت من هذه التجربة. قالت أن أعود إلى عقلى وكتبى وأن أعمل وأسافر.

قلت لها المستقبل مازال أمامك وأنت صغيرة جدا ويمكنك أن تطوى هذه الصفحة وتبدأى صفحة جديدة. وتبادر إلى ذهنى أن أسألها عن جارها هل ترك هو الآخر المدرسة. قالت لم يحدث له أى شئ على الإطلاق!! لازلت أراه.. كان يسمعنى كل الكلام الذى كنت أحب أن أسمعه!! لكنى لم أعد أحبه.. هكذا أردفت.

بعدما تلد الفتاة أو تتخلص من حملها وتكون قد إلتزمت بدراستها ومنهجها يمكنها أن تعود ثانية إلى المدرسة وتعيش حياتها مثل باقى التلميذات وتطوى الماضى.

هذا ماحدث مع “نانسى” . سوف تعود إلى مدرستها الثانوى هنا فى مدينتى الصغيرة وتستأنف حياتها. بعدها طلبت منى “نانسى” أن ألتقى بوالدتها وأن أتعرف عليها قائلة “ميس سومة من مصر”.

فى نهاية يوم بين إمرأة مصرية وفتاة صغيرة إفريقية أمريكيه تجاوزنا إختلافاتنا، ألوان بشرتنا، تناقضات مجتمعاتنا وشقاء نفوسنا. جمعتنا مرارة تجربة وحلاوة التعلم منها.

رابط مختصر

أضـف تـعـلـيق 0 تـعـلـيـقـات

* الإسم
* البريد الألكتروني
* حقل مطلوب

البريد الالكتروني لن يتم نشره في الموقع

شروط النشر:

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.


ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة بوابة شموس نيوز الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.