أمضيت هذا الأسبوع في ربوع القاهرة الحبيبة، لفت نظري كثرة ترديد خطاب «التشيع» سواء عبر القنوات التلفزيونية والإذاعية، أو أثناء الحديث مع الناس بكل مكوناتهم الفكرية، الشخص العادي أو المثقف، المتعلم أو ذي التعليم المتوسط، وجدته هماً مقلقاً للشعب المصري الذي لم يعرف مسمى (الشيعة) إلا بعد الثورة، وتحديداً بعد وصول الإخوان المسلمين إلى مقعد الحكم.
وللإجابة عن سؤال إن كان التشيع في مصر أمراً واقعاً، أم مجرد فوبيا مطروحة عبر وسائل الإعلام لتخويف الناس من هذا الوافد الجديد الذي يطعن في عقيدتهم وفي رموزهم الإسلامية؟ فلا بد من العودة إلى الجهود الإيرانية «الملالية» لنشر التشيع الصفوي، والذي لا يمكن القول عنه إنه مجرد تخويف إعلامي، إنما هو واقعي وملموس، بل هو جهود قائمة منذ سنوات تقوم بها إيران عبر ممثليها في دول الخليج العربي والدول العربية والإسلامية، وما زلت أتذكر ذلك اللقاء الذي تم قبل ثلاث سنوات بزميل صحافي من جزر القمر وكتبت عنه سابقاً، حيث روى لي عن الاختراق الشيعي لصفوف المسلمين لديهم وانتشار التشيع عبر أنشطة إيرانية رسمية هناك. وما دامت إيران تعمل على نشر التشيع في جزر القمر فالأولى لديهم نشره في مصر، وهي الدولة التي تعتبر قلب العالم العربي واختراقها يعني إيجاد ثقب واسع في قلبنا!
أما الخطاب المصري المطروح في هذا الجانب فهو ينقسم إلى نوعين، الأول: خطاب ديني تقليدي، يُحذر من خلال تذكير الناس بالخصومات التاريخية، والتجاوزات التي يتعمدها بعض الشيعة تجاه صحابتنا وأمهات المؤمنين، وهذا الخطاب أرى أن تأثيره لن يتجاوز العاطفة البسيطة للشخص العادي. أما الخطاب الثاني: فهو خطاب نخبوي، يهوّن ويقلل من هذا الخطر ويعتبره مجرد طمس لخطورة الخطر الأكبر وهو «إسرائيل». في هذين الخطابين وجدت أن الخطاب الوسطي المطلوب لهذه المرحلة هو شبه غائب، هذا الخطاب هو ما ينبغي أن يمزُج بين الديني والنخبوي، ليحاكي بهذا أغلب مكونات الشعب المصري، من خلال وقائع الحِراك الإيراني وخطر هذا من الناحية السياسية على منطقتنا العربية.
أغلب الناس ممن التقيتهم في القاهرة يشجبون ويستنكرون فكرة التشيع في المجتمع المصري، وأن هذا الخطر لم يقترب منهم إلا بعد حكم الإخوان المسلمين! في الواقع الاتجاه الديني والسياسي للإخوان المسلمين يتعارض تمامًا مع الشيعة، إلا أننا لو قسنا مثلاً التقارب الذي تم ما بين إيران وحركة حماس منذ سنوات، سنعرف أن هناك مصالح سياسية تفرض نفسها، وتلوي عنق الاتجاهات الفكرية والدينية والسياسية لتأخذ مساراً في طريقٍ واحد، قد لا نُصدق أحياناً أن هذا الاقتراب قد يحدث، مع ذلك حدث!
خطر التشيع الصفوي هو ليس خطراً على مصر وحدها، فإيران التي أوصلت شعبها إلى ما تحت خط الفقر لصرف أموالهم على اختراق مجتمعاتنا بـ «التشيع»، تتحيّن الفرص وتنتهز الكوارث وتجد من يعاونها على ذلك، مع هذا، فالوعي وحده هو القادر على دحر إيران وشرورها!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *