الزواج في النوبة الغريقة

المؤرخ النوبى يحىي صابر

بقلم المؤرخ النوبى يحيي صابر – مصر

من اجندتي الخاصة :

الزواج في النوبة الغريقة

عمنا واستاذنا معلم الاجيال عبدالله عابدين طيب الله ثراه حكي انه حينما تخرج واستلم عمله معلما في مدرسة توشكي شرق الابتدائية طلب منه والده الزواج واعطاه مبلغ خمسة جنيهات كي يسافر الي القاهرة لشراء مستلزمات الزفاف ..

حيث كان من عاداتنا الجميلة في النوبة الغريقة قيام العريس باهداء كسوة كاملة لنساء العائلة مكونة من قماش جرجار وطرحة من الماركزيت الطبيعي ..

واردف قائلا انه سافر الي القاهرة واحضر معه كل مستلزمات الزفاف والهدايا وبقي معه حوالي جنيه واحد اعادها لوالده !! وأتذكر في النوبة الغريقة كنا نذهب من بيت العريس الي بيت العروسة حاملين معنا هدايا العريس لعروسته من اقمشة متنوعه حيث نساء العائلة كن يحملن علي رؤسهن تلك الاقمشة موضوعه داخل الـ(كونتي) عبارة عن وعاء كبير مصنوع من سعف النخيل بنفس الطريقة التي تصنع به الاطباق المعروفة باسم (كاراج) وطبعا الشباب كانوا يتغنون وهم يضربون الدف (تار) والزغاريد الصادرة من النساء تمتلئ بها اجواء القرية ..

قد يقول قائل خمسة جنيهات ؟ وقد يستغرب ويتعجب !! اقول له لاتتعجب فنحن في بيتنا نتملك صندوقا خشبيا كبيرا كان هذا الصندوق يحتوي علي طقم كامل من الصيني الفاخر المصنوع في انجلترا .. جدي لامي رحمه الله كان تاجر قال لقد كان يتم تحويل مبلغ خمسة جنيهات مصرية – حينما كان للجنيه المصري قيمة في اسواق المال !! – الي لندن من مكتب بريد توشكي فيتم الشحن وكان يصل الي توشكي في النوبة الغريقة بعد شهر تقريبا من التحويل !! هذا الطقم الصيني الفاخر ثمنه في السعودية الان اكثر من 120 الف ريال !! …

الان انتهت عادة كسوة نساء العائلة وانصرفوا الي الاهتمام بأشياء اخري .. واذكر ان زيجات كثيرة تمت في النوبة الغريقة ولم يكن مع العريس حتي قيمة المهر فقد كان يقوم باقتراضه ثم يسددها من النقوط  حيث لم يكن هناك ما يعرف بالتأثيث الكامل فقد كانت اثاثات المنازل بسيطة  وغالبا كان يعيش العريس  وزوجته مع ابيه وامه حتي يستقل ببناء بيت له واما الان في النوبة المستنسخة اختلف الوضع تماما وان كان المهر لايزال محددا بعشرين جنيها ولكن تجهيز بيت الزوجية اصبح مكلفا وكذلك ارتفع سقف الولائم كي يكون فطارا وغذاءا وعشاءا وكذلك ليلة الحناء التي تتحمل تكاليفها العروسة ولكن  تجهيز بيت الزوجيه بالكامل حجرة نوم كاملة وجميع الاجهزة الكهربائية بما فيه الدش يتحمل عبؤها العريس وانا اعلم ان هناك بيوت الان يستخدمون حتي غسالة الصحون والاطباق طبعا بالاضافة الي الغسالات الاتوماتيكية التي اري انها لا لزوم لها علي الاطلاق حيث حرارة الشمس تنشف الملابس في خلال ربع ساعة من نشرها ولكنها اصبحت اسلوب حياة جديدة غزت بلادنا وخاصة ان الوقت لم يعد كافيا للاعمال المنزلية بعد ضياع معظمه في تتبع المسلسلات التليفزيونية.. عادات جميلة طمست وعادات تحاكي المظاهر ظهرت في النوبة المستنسخة… يحيي صابر

#النوبة_الغريقة#المهر#ليلة الجناء#النقوط#

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *