الفنانة التشكيلية منى احمد حمدان

بقلم الفنان والباحث التشكيلي السوري. عبد القادر الخليل

عندما يصبح الفن لافتة المعارضات وطريق التطور الفكري والاخلاقي

من اطراف بردى وتحت ظل قاسيون التقي مع الفنانة التشكيلية منى حمدان لأتمتع بمنجزاتها الفنية التي تحمل راوئح ياسمين دمشق ورطوبة الندى من بردى. 
من تجارب الفن التاريخي رأينا خدمة الفن التشكيلي للإنسان, خدم الارواح وعللها في الامل. وخدم الطمحات الفردية والاجتماعية, وكثيرآ ما عاش صامت سنين طويلة حتى تمت ترجمتة بواسطة الباحثين. . لقد قال احد فلاسفة المانيا, اللوحة التشكيلية التي لا تحمل رسالة تبقى كصورة مُهملة. لكن في مجتمعات اليوم والمجتمع الشرقي يصعب على الباحث ان يغض بصره عن قراءة رسائل الفنانين, وفي اعمال بعض الفنانين نجد انه في كل لوحة هناك رسالة. رسائل مختلفة, فيها من الدراما وفيها من مظاهرات اجتماعية. يستخدمها الفنان بذكاء ورقة كما تستخدمها الفنانة السورية منى احمد حمدان كي تفتح نافذة الحياة امام خيالها.

لقد عرفنا الحركة التعبيرية والرمزية لكن لم نرى اسلوب جاء بهذه المظاهرات الاجتماعية كما جاء به اسلوب المدرسة الرومنسية, وهو ايضا من اوائل المدارس بعد الواقعية. 
ظهر اسلوب الرومنسية مع سقوط امبراطورية فرنسا وسقوط نابوليون بونا برت. في ذلك العهد انحاز الشباب الفنانين الى اسلوب الرومنسي بمعناه الاصلي وليس للحب الذي يشار به في العامية, انحاز ليجعل من اللوحة التشكيلية اداة النسيان وأداة لتعليل الانفس والبعدعن ذكريات الحروب. هناك اصبحت الرومنسية لافتات الشباب وسجلوا بها طموحات الثقافة والتحرير من الظلم. ولتجسيد افقات الجمال الذي يبعدهم عن قساوة الايام الماضية. وهكذا احتضن هذه المدرسة كلأ من علوم الثقافة في الشعر والادب والفلسفة والتطور والحداثة حتى في عالم السياسة حضنها السياسيون. ومن هذه المدرسة رأينا منجزات كبار الفنانين انذاك ، الفنان تارنير الاكليزي والفنان اوجين ديلاكغوا وخاصة في لوحته العالمية (الحرية تقود الشعوب. ). وهي التي كانت رمز الثورة الفرنسية بعد 1814.

الفنانة منى احمد حمدان فنانة الهدوء والصمت , تنسج لوحاتها بأنامل الرق والحنان, تجسد اشياء كثيرة من اجواء البداهة لكن تحمل جميعها مضمونات سفلى ومتداخلة من جروح عميقة, كأنثا تُعطي لطافة كبيرة في لوحاتها الشفافة, لكن من يتمعن في لوحاتها يراها انها ترش الملح على جروح عميقة كي لا تنام, جروح الوطن في السنين الماضية, والتي مازالت تنزف حتى هذا اليوم. جروح الشباب الذين فقدوا شبابهم بين مأسات وأخرى, وجروح لا ترغب الفنانة ان تكون ظاهرة خشية مما يخشاه كل انسان بهذه الحالات , وأصبحت عبئ عل كل افراد المجتع , ومنها الحرية والامان. قلة العمل والحرمان. مصائب تعطي لكل انسان مر بها حق البطولة. وهكذا اقول عن الفنانة منى احمد حمدان.

واذا كانت الرومنسية هي روح التطور وروح الحرية , اليس هذا الذي تشتاق له الفنانة منى حمدان؟ ففي هذه المدرسة تمتعنا بمنجزات زعيمها الفنان الفرنسي ديلاكغوا, كما تمتعنا بقصائد شاعرها الانكليزي بايرون. هم الذين كانوا اقرب للشباب. ولم تتمحور هذه المدرسة بأسلوب فنان واحد, بل وصلت الى مراسم عموم الفنانين , ووصلت الى الحوار الاجتماعي المثقف, واصبحت مزار من اهم المزارات في باريس وفي كل انحاء اوربا وهكذا انتقلت الى العالم. لكن للأسف ان بعض القراء يخطؤون في قراءتها وبعض الفنانين يستخدموها بشيء من الهزل.
كان يقول الفنان الفرنسي ديلاكغوا عن هذه المدرسة. انني انهض باكرا لاصل الى مرسمي واتابع العمل وكأنني اسجد في كل يوم امام حبيبتي لأنال رضاها, وهو ي\ثعبر عن الحرية وليس عن حب العاشقين. وهكذا إنتقل الركوع والسجود من امام رجال الحكم , الى السجود امام الحرية.

الفنانة التشكيلية منى احمد حمدان, تستخلص من هذه المدرسة قوة احياء اللون كي تُعطي لأشكال متداخلة حرية ذاتية. تبتعد هنا عن قيود الفن الاكاديمي , وتُبًرج الاضاءة وهكذا تُقوي البقعات اللونية وتُظهر مهماتها المطلوبة. 
من اسبانيا. كتب لكم Abdul Kader Al Khalil
14/4/2019