تماثيل مقنعة

روعة محسن الدندن/سورية
رغم كل التحضيرات من طقوس الكتابة التي أقوم بها إلا أنني أشعر بعدم الرغبة لأقوم بهذا العمل فأقرر المطالعة لما اخترته من الكتب
مازلت أمارس عادتي السيئة القديمة انثر الكتب والأوراق البيضاء ومجموعة من الأقلام وبعض الموسيقى والتي تكون حسب اختياراتي للكتب
أتصفح الأوراق وأشعر بعدم القدرة على التركيز وأعيد كثيرا الكلمات ولكن هناك شيئا داخلي لا أعرف كيف أفسره
فهو ليس شعورا بالضعف أو الملل أو حتى القوة
فأقرر الهروب لتلك الرواية التي لم أنتهي منها ولا رغبة لي أن انهيها مع يقيني بأنني سأعيدها عدة مرات كما هي العادة
في كل مرة أجد أنني أعيش لحظات مختلفة تدخلني لعالم الصمت الذي يلاحقني بالكثير من الأسئلة وكأنني أبحث عن نفسي لأصوغها بكلمات مغلفة فنحن أجبن من ملامسة أرواحنا وملامحنا ولو بالخيال
الجميع يحاول الكتابة والحديث عن المرأة والغوص لمكنوناتها لأنها مصدر الدفء والإحتراق إما عشقا أو جنونا
ولكن ماذا عن عالمه هو؟
أقصد عالم الرجل المتهم دائما بعدم قدرته على الإحتواء أو تقلب فصوله السريعة وجبروته والذي يمنح المشاعر ببخل شديد وهل هو حقا كالأطفال إذا اكتفى حبا أو وجده
الجميع يبحث عن شبيه لروحه والنتيجة معادلة مستحيلة في النهاية لأن الإختيار كان بلا وعي وبدون مشاعر وهو مجرد ارتباط ورقي
أم ربما لأنه خسر حبا وأحتفظ به سرا وتوقفت الحياة عن منح فرصة أخرى له وانكسر كما تنكسر المرأة
ويخشى من الحب مرة آخرى
لأنه سيموت شهيدا في الحب؟
لا أحد سيصدق أن الحب سيقتل رجلا شرقيا وهو الذي يظهر قوته في كل مراحل عمره ولا يعترف بضعفه ولا يمكن له الشعور بالوحدة ولو عشق المئات أو تعثر بالحب صدفة
فهي ستكون مجرد مغامرة له تضاف لقائمته النرجسية
ولكن ماذا لو كنا نحن النساء من نجهل هذا الرجل وعالمه بسبب الخوف الذي ورثناه أو ربما بسبب من يدعون الرجولة عندما يهزمون إمرأة بالحب ليشعر برجولته من خلال هذه المعركة التي خاضها
ربما البعض منا لا يعلم أنه أكثر تعلقا من المرأة وأن الحب إذا تمكن منه حقا فهو يشبه الرصاصة التي تقتله إذا فقد هذا الحب
وحصوله عليه يعني امتلاكا للعالم بأسره
ولا يمكن لهذا الحب أن يموت يوما داخله
ولكن يبقى الحب معادلة مستحيلة التحقيق لهم لأنهم إما خسروه أو جاء زائرا متأخرا أو ربما يشبه حادث السير
يصدمهم ويترك آثاره ويرحل
فيبقى الجميع كما هم تماثيل صامتة تخفي دموعها بألف قناع فربما تحدث المعجزة وتسكنهم أرواحهم من جديد بعد شتاء طويل فتثور البراكين الخامدة
ويغادرون الطرقات التي صلبوا فيها ليسيروا للحياة
وينزعوا كل الأقنعة عندما يجدون الحب الذي يدمر كل الحصون الوهمية لكلا الطرفين