حوار حول الكاتب الألماني الثائر إرش كستنر وأعماله الأدبية الثورية

حوار حول الكاتب الألماني الثائر إرش كستنر وأعماله الأدبية الثورية ولاسيما حول دور الشباب في المراحل الثورية في ظل الأنظمة العسكرية

أدارت الحوار: الإعلامية والأديبة السورية روعة محسن الدندن – مديرة مكتب سوريا للاتحاد الدولي للصحافة والاعلام الالكتروني وسفيرة النوايا الحسنة وحقوق الانسان لمنظمة الضمير العالمي و لحقوق الانسان والعضوة بعدة اتحادات عربية

ضيف الحوار:

د. رانيا الوردي
أستاذ مساعد الأدب الألماني بتربية عين شمس – رئيس قسم الحوار العربي الأوروبي في إتحاد كتاب المثقفين العرب بباريس منذ ٢٠١٩- عضو مجلس إدارة الجمعية العلمية للكاتب النمساوي الثائر يورا صويفر منذ ٢٠١١ وحتى الآن -عضو الهيئة الإستشارية العلمية لهيئة إنست الدولية بفيينا الداعمة للحوار الثقافي القومي والعابر للقومية منذ ٢٠١١ وحتى ٢٠١٩ وعضو مجلس إدارة الهيئة منذ ٢٠١٩ – عضو هيئة تحرير مجلة ترانس للعلوم الثقافية بفيينا منذ ٢٠١١ وحتى الآن

السؤال الأول:

في البداية لتحديثنا دكتورة رانيا الوردي عن الكاتب الألماني أرش كستنر ليتعرف عليه القراء؟

هو كاتب وصحفي وكاتب سيناريو ألماني. ولد عام ١٨٩٩ في درسدن، ومات عام ١٩٧٤ في ميونخ.. درس الأدب الألماني وأصبح منذ عام ١٩٢٧ أديباً حراً في برلين، أشتهر بكتب الأطفال المضحكة وذات النظر الحاد والتي كانت ثورية في ذلك الوقت. وهي مترجمة الى العديد من الترجمات. ترجمت رواية “إيميل زالمخبرون” وحدها إلى ٤٠ لغة.
في عام ١٩٣٣ أُحرقت كتب كستنر. وحتى عام ١٩٤٥ منع من العمل في أي مهنة، لكنه لم يهاجر من ألمانيا، ولم يصدر كتبه إلا في الخارج،
بعد هزيمة النظام النازي في الحرب العالمية الثانية ، تمكن كستنر مرة أخرى من التطور بحرية كصحفي منذ منتصف عام ١٩٤٥. من ١٩٥١ إلى ١٩٦٢ كان رئيسًا لمركز P.E.N. في ألمانيا الغربية. بصفته من دعاة السلام ، اتخذ موقفًا عامًا ضد سياسات حكومة أديناور في عدة مناسبات في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ، بما في ذلك ما يتعلق بإعادة التسليح والحركة المناهضة للأسلحة النووية.
أهم أعماله الأدبية: لإرش كستنر::
القلب فوق الخصر
إميل والمخبرون
فابيان. حكاية واعظ
حجرة الدراسة الطائرة
أثناء مراجعة كتبي
لوتشن المزدوج
حصل على عدة جوائز وهى:
جائزة هانس كريستيان أندرسن (١٩٦٠)
جائزة جورج بوشنر (١٩٥٧)
جائزة الأدب لمدينة ميونيخ (١٩٥٥)
وسام صليب القائد من رتبة استحقاق من جمهورية ألمانيا الاتحادية

السؤال الثاني:

كيف برز دور الشباب من خلال أعماله وماهي النقاط التي ركز عليها؟

في العمل الأدبي للكاتب الألماني إرش كستنر ورد على لسان إحدى شخصيات العمل الأدبي تنويه عن دور الشباب في مراحل ما قبل الطفرات الإقتصادية والتحول السياسى على الرغم أن هذا الموضوع لا يشكل موضوعا محوريا داخل النص الأدبي نفسه. وفي هذا التنويه عن دور الشباب تم التأكيد على الدور المحوري للشباب ولاسيما الثوري في إعادة البناء من خلال قيامهم بإتفاقيات دولية ومن خلال إختيارهم التطوعي لتقليل الربحية الخاصة ومن خلال الإستخدام العقلانى للنظام الرأسمالي والتكنولوجيا ومن خلال زيادة الأعمال التطوعية المجتمعية ومن خلال التعمق الثقافي فى عمليات التربية والتعليم.
وأشك أن يكون هناك عملآ أدبيا لكاتب ثائر في فترة الحكم العسكرى لهتلر قد تناول هذا الموضوع وجعل ذلك موضوعا محوريا للعمل الأدبي بإستثناء ندرة من الاعمال الأدبية للشباب الثائر المستنير من بينهم العمل الأدبى للكاتب الثائر تولر والذي نوه فيه أيضا عن دور الشباب في دعم تفجير الثورات التربوية التي تدعم بدورها تفجير المشاعر الإنسانية والقدرات العقلية للأجيال المستقبلية

السؤال الثالث:

هل كان لحرق كتبه آثارا ايجابية أم سلبية في ابداعاته لاحقا
وحافزا لالقاء الضوء على دور الشباب لثورة الفكرية؟

المتأمل للسيرة الذاتية للكاتب الألماني الثائر إرش كستنر يتضح لديه أن صدمة حرق كتبه وأعماله في فترة الحكم العسكري لهتلر لم تجعله يتوقف عن الكتابة والإبداع. وهذا يدل على الصلابة النفسية والقدرة على مواجهة الحدث. ومما يؤكد ذلك حضوره عملية الحرق نفسها. وما يشير إلى قدرته على تجاوز هذا الحدث هو كتابته تحت إسم مستعار السيناريوهات لعدة أعمال فنية كوميدية بل قام بنشر أعمال أدبية له خلال فترة الحكم العسكري في دارات نشر بالخارج.

السؤال الرابع:

هجا إريش كستنر البشرية على
طريقته من خلال كتابه (مؤتمر الحيوان) الموجه للأطفال وكان عملا بارزا لأدب مابعد الحرب العالمية الثانية لإجبار البشر على نزع السلاح وصنع السلام كيف ذلك؟

هذا العمل الادبي يمثل رواية كتبها إرش كستنر بعد الحرب العالمية الثانية. ويتم تصنيف هذا العمل بإعتباره أدب طفل. العمل الأدبي يتضمن دعوة للسلام يقودها مختلف أنواع الحيوانات على وجه الارض جنبا إلى جنب مع الأطفال من مختلف قارات العالم وذلك بعد أن فشلت البشرية في إقرار السلام وبعد أن فشل أجيال الآباء في الجدارة والإستحقاق في تربية الأبناء. وهذة الدعوة لإقرار السلام من جانب مختلف أنماط الحيوانات على وجه الأرض يشير من ناحية إلى مدى الإنحطاط الأخلاقي الذي وصلت إليه البشرية ومن ثم أصبحث سببا ومصدرا للحروب والكوراث ويشير من ناحية أخرى إلى مدى السمو والإرتقاء الأخلاقي الذي وصلت إليه الحيوانات وتفوقت بذلك على البشر.

السؤال الخامس:

هل تم احراق كتبه بسبب آرائه المعادية لعسكرة الدولة ولأنه ضد التحاق بلاده بعضوية (حلف شمال الأطلسي)”الناتو”
وضد سياسات الولايات المتحدة خاصة في فيتنام؟

أرجح أن السبب الرئيسي لحرق كتبه هو عرضه لأراء وأفكار تتعارض مع توجهات النظام العسكرى وعلى رأسه هتلر بل قيامه في هذه الأعمال بتوجيه نقد لاذع لهتلر ولنظامه العسكري . والجدير بالذكر هنا أن مصادرة أراء الشباب الثائر والزج بهم فى السجون والمعتقلات وإضطهادهم والدفع بهم للجؤ إلى الهجرة للبحث عن وطن بديل. كانت من أسباب نقد النظام العسكرى لهتلر والتي دونها التاريخ وتناقلتها الأجيال لإثبات ديكتاتورية نظامه.

السؤال السادس:

صور إريش كستنر في مسرحيته “مدرسة المستبدين “كيف يتحول الناس أثناء فترات الطغيان إلى أدوات طيعة وماكينات ودمى متحركة تعمل في خدمة الطغيان السائد وهم آلات لا تعرف شيئا اسمه الرفض أو العصيان فكتب في مسرحيته
“العصيان مرض يؤدي في بلادنا إلى الموت ..مرض آخذ في الإندثار”
فهل قصد أرش بتفعيل دور الشباب من خلال القيام بالثورة الفكرية ضد الإستبداد والطغيان ؟

في العمل الأدبي “مدرسة المستبدين” لم يتطرق إرش كستنر إلى دور الشباب ولاسيما الشباب الثوري في هذا الوضع المتأزم مثلما فعل في عمله الأدبي “فبيان – حكاية واعظ” والذي نوه فيه على لسان إحدى شخصيات العمل الأدبي عن هذا الدور. وهذا الدور الذي وصفه الكاتب الثائر كستنر في عمله الأدبي “فبيان – حكاية واعظ” يعتبر من وجهه نظري نوع من تمرد الشباب على العقلية الثقافية السائدة في المجتمع والرغبة الحقيقة في تغيرها إنطلاقا من رؤية إصلاحية في مختلف مجالات الحياة مما يقود في النهاية إلى الدفع بالمجتمع رويدا رويدا إلى مجتمعات الحداثة.. وأعتقد أن أداء الشباب ولاسيما الثوري لهذا الدور يحمي المجتمع من إنهيار محقق لا محالة بل ويدفع بالمجتمع إلى مجتمعات الحداثة. وهذا ما أكده الاستاذ الدكتور الألماني في النص الأدبي عند تقييمه لرسالة الدكتوراة الخاصة بشخصية لابودا داخل النص الأدبي وتأكيده أن ما تطرحه رسالة الدكتوراة من أفكار ستدفع بالمجتمع إلى مجتمع الحداثة. أما تمرد الشباب على النظام الإستبدادي دون إقتران ذلك برؤية إصلاحية متكاملة يؤدي – كما اوضح العمل الادبي للكاتب النمساوى الثائر إلياس كانتى – إلى إنهيار مجتمعي ويدخل المجتمع في فوضى. ولكن يجب التأكيد على حقيقة أن نقد الشباب الثوري لعقلية أجيال الأباء و عقلية النظام العسكري في فترة هتلر وتحميلهم الأزمات المجتمعية حقيقة يرصدها بقوة الأدب الثوري الألماني والنمساوي في فترة الحكم العسكري لهتلر. لكن يجب أيضا التأكيد في هذا السياق أنه كانت هناك ندرة من الأعمال الأدبية الثورية لكتاب ثورة شديدي الإستنارة الفكرية إستطاعوا في أعمالهم الأدبية توضيح دور الشباب ولاسيما الثوري في هذا الوضع المتأزم لإحداث تغيرات جذرية فى عقليته الثقافية دون مصاخبة ذلك لإنهيارات وأزمات مجتمعية.

السؤال السابع:

في “مدرسة المستبدّين”، يقدّم المؤلّف عمله بالقول “إن رؤية الكلاب المدرّبة، التي تقفز على قدميها الخلفيتين لابسة ملابس الدمى، أمر يثير الاشئمزاز، أمّا الإنسان المدرّب على التخلّي عن كرامته وضميره، الإنسان الممسوخ المرتدي قناع إنسان، فإن رؤيته من أبشع المناظر” ماذا يقصد الكاتب ومن يعني بكلامه؟

يقصد الكاتب بالكلاب المدربة الأشخاص المدربة لتولى سلطة القرار ولاسيما سلطة قرار رئيس الجمهورية. هؤلاء – كما تم توصيفهم في العمل الأدبي – تم تدريبهم لدعم إستمرار وجود النظام المستبد الحاكم الذي سلب البشر إنسانيتهم. كما يقصد بالإنسان الممسوخ المرتدي قناع إنسان والمدرب على التخلي عن كرامته وضميره الإنساني ذلك الإنسان الذي يعد جزء من مجتمع الحشود الذي يجرده النظام الحاكم المستبد من إنسانيته وأخلاقياته.

السؤال التامن:

من خلال ما قدمه أرش كستنر كيف يتم تفعيل دور الشباب الثوري بعيدا عن الدماء وما السبيل لهذا الدور لهم في ظل الإستبداد والطغيان؟

وصف الكاتب الالماني بإحترافية في العمل الأدبي “فابيان -حكاية واعظ” دور الشباب ولاسيما الشباب الثائر في مراحل ما قبل الطفرات الاقتصادية والتحولات السياسية. وقد أوضحت ذلك بوضوح في إجابة السؤال الثاني في هذا الحوار. . ولعل ما قمت به من أنشطة وفاعليات للشباب من قبل الثورة التي تنبأت بها في إطار دراستي للأدب الثوري خلال فترة النظام العسكري لهتلر يوضح كيف أن الإطلاع على الأدب الثوري في فترات تاريخية متشابهه مع ما يمر به الوطن العربي يمكن أن يجنبنا العديد من الازمات والتحديات التي مرت بها المجتمعات في فترات تاريخية شديدة التشابه شريطة أن نعي الأفكار الخلاقة التي عرضها الأدب الثوري للخروج من الأزمة.

السؤال التاسع:

*أهم أعماله البارزة
القلب فوق الخصر
مدرسة المستبدون
إميل والمخبرون
فابيان. حكاية واعظ
حجرة الدراسة الطائرة
أثناء مراجعة كتبي
لوتشن المزدوج
أي هذه الأعمال كان لها التأثير البارز في الأدب الألماني وماالسبب؟

على الرغم من أن كل عمل أدبي من هذة الأعمال يتطرق إلى إشكالية من إشكاليات العصر الذي يتزامن مع النظام العسكري لهتلر، إلا أن العمل الادبي “مدرسة المستبدين” يعد من أكثر الأعمال تأثيرا في الأدب الالماني لأنها توصف إشكالية النظام العسكري المستبد من وجهة نظر ثائر في فترة الحكم العسكري لهتلر. هذة الإشكالية لا تزال محل نقد حتى الوقت الراهن للنظام العسكري المستبد وعلى رأسه هتلر. والعمل الادبى يتعرض إلى كيفية إتخاذ القرار في النظام العسكري الإستبدادي وكيف تم تدريب الأشخاص على أداء دور رئيس الجمهورية وكيف يقوم هذا النظام العسكري المستبد بقمع الشعب وسلبه إنسانيته. على الرغم أن العمل الأدبي عرض ببراعة إشكاليات النظام العسكري القمعي إلا أنه لم يعرض حل واقعي لهذه الإشكالية ولاسيما إذا أخذنا في الإعتبار العمل الأدبي للكاتب النمساوي الثائر إلياس كانتي “المحددون زمنيا” الذي عرض من خلاله بصورة رمزية الثورة على النظام العسكري مع عدم طرح بديل مما أدى إلى إنهيار المجتمع ودخوله في مرحلة فوضى جعلت الشاب الثائر نفسه يعترف بالخطأ الذي إرتكبه فى تقدير الوضع العام.

السؤلل العاشر:

كان للأدباء الألمان أفكارا مختلفة من خلال تفعيل دور الشباب
ك الكاتب الألماني والسياسي أرنست تولر من خلال القيام بثورات تربوية تعليمية وأما أرش كستنر فقد أكد على دور الشباب القيادي في إعادة بناء السياسة والصناعة وأما الكاتب النمساوي يورا صويفر ركز على دور الشباب في أحداث ثورات صناعية مرتكزة على ثورة علمية وأخرى تكنولوجية
كيف يمكن تفعيل دور الشباب العربي من خلال التجربة الألمانية الإستفادة من الأدب والأدباء الألمان.؟؟؟

والمجلات العربية عن هذا الدور في هذه الأعمال الأدبية والتي تجسد مرحلة تاريخية فارقة في تاريخ المانيا والنمسا. إن الكتابة عن هذا الدور في هذا التوقيت أي بعد الثورات في المنطقة العربية يؤدي من وجهه نظري إلى دعم حوار مجتمعي داخل الوطن العربى مدعما بإستنارة فكرية في تحليل أعمال أدبية تجسد مراحل تاريخية شديدة التشابه بما يمر به الوطن العربي. هذا التناول من وجهه نظري يسهم في دعم الحوار الثقافي المستنير بين الشرق والغرب حول دور الشباب ولاسيما الثائر خلال فترة التحولات كما عرضه الشباب الألماني والنمساوي الثائر في أعمالهم الادبية خلال فترة الحكم العسكري لهتلر. أعتقد أنه من الضروري والمجدي إثارة هذا الموضوع ليصبح قضية رأي عام في الوطن العربي ولاسيما بعد ثورات رجت المنطقة العربية ولكنها أخفقت مما أصاب الشباب بالياس والإحباط. أن تناول هذا الموضوع إنطلاقا من أعمال أدبية ثورية كتبت في فترات تاريخية مشابهه يدعم إعادة تقييم ادوار الشباب ولاسيما الثوري في المراحل التاريخية الفارقة.

شكرا للغالية الدكتورة رانيا الوردي على هذا الحوار الرائع والراقي ولكل ما قدمته لنا من خلال هذا الحوار
تحياتي وتقديري لك ولجميع من يتابعنا