عمر بعمق وطن … من مجموعتي القصصية ” بعض..هن “

مجموعة قصصية بعنوان  ” بعض..هن ” تصدر قريبا ..  من هذه المجموعة اختار ” عمر بعمق وطن ” :
عمر واسع شيدت فيه أبنية حتى صار مدينة عامرة بالكثير.. هى موطن كنت فيه خادمة لأسياد أنا من أجلستهم على عرشه يحكمون ويتحكمون !…
هذا الوطن العمر ينصاع كعبد مطيع.
لكن خلا هذا الوطن إلا من أطلال بناياتهم فهجروه؛ ليصنع كل منهم وطنًا بعيدًا.. بعيدًا عن وطنهم الأصلي فما أحوجني إليهم وأنا الوطن الخاوي على عروشه!
ستون عامًا تحملتها قدماى.. تخيلتْ أن تجد من يحملهم معها وقد ناء بها العمر، والآن تخفق بقلبي دمعات عصية وتتجول بشرايين حنيني!
أدري أني أطلت.. لكن كلما كانت الصرخة أعلى كان الوجع أعمق.
حَملتُ وصَرختُ وأنا أنشطر إلى شخصين!… ثم صرخة تعقبها صرخة لتكون هى الصرخة الوحيدة التي يخرج من رحمها الفرح، العجيب أن تكوني وحدكَ التي تعاني فتصبح هذه الوحدة الموجعة سببًا في إمتلاء دنيتك بالأحبة!…
وبعد هذا كله تُوقع على عقود تنازل عن: صحتك، ووقتك، وخبرتك، وكل ماتملك عن حب و طيب خاطر دون أدنى تفكير أو اعتراض ولاترتجي من وراء ذلك أى مكاسب سوى الحب فقط.
لتهرم ولاتدرك بأنه لكى يكبر الآخرون يجب أن تشيب أنت.
الشيب ” طفولة متأخرة ” تحتاج إلى حنان أكثر، واحتواء، ورعاية ولايكون هذا ثمنًا لما قدمته سلفًا؛ ولكن هو شعور تدرك أنه لا يُطلب ولا يُستجدي لكنه يُمنح بكل الحب الذي زرعته وتنتظر حصاده.. لكن وما أقسى هذه الـــ ” لكن” يشيب عمرك ويهرم ولاتجد عكازًا من الحب تستند عليه.
وسؤال يخنق وحدتي ويمنعني التنفس:
هل كان انتفاخ بطني سببه هواء الجحود أو الحبل السرىَّ الذي ربط بيننا كان يسري به دم النكران؟!
ملقاةٌ أنا بدار “انتظار الموت” يلقبونها مجازًا “دار المسنين” يزين جدران هذه الدار كل رُسل الموت: الشعر الأبيض، الجلد المتهدل فوق عظام تتقيأه، مفاصل تصرخ وهى تترنح بما فوقها، عيون عليها ظلال رحيل، أفواه كالكهوف المظلمة المرعبة وقد إنطفأت ثرياتها البيضاء،وهذه الأكياس التي تنوء بعبوات دواء لكل أنواع المرض عدا الموت؛ هذا العجيب الذي لاعلاج له.
كل يوم يحلق فوقنا ملاكه؛ ليخلي غرفة من ساكنها حتى أدمَنا الفقد واعتدنا الرحيل!
في سجن الخوف هذا.. يفك أسري منه زيارة لأحد مُلاك عمري القدامى لتنتهي زيارتهم.. وأستعد للعودة لمحبسي بزنزانة خوفي…
في انتظار من لاعلاج له…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *