لا وقت للحزن..على خط النار

د. إلهام سيف الدولة حمدان
د.الهام سيف الدولة حمدان – مصر – شموس نيوز
“في الحرب لا وقت للحزن عند العسكريين ، يرى الجندي زميله يتساقط فلا يملك حق البكاء عليه ،ليس امامه سوى ان يحمل سلاحه و يواصل القتال .في الحرب لا وقت امام القائد للتوقف ثانية واحدة عن التفكير …. اما عن الأحزان فهي مؤجلة ؛لهذا لا يكون النصر سعادة خالصة ،بل سعادة مشوبة بالحزن على الشهداء .
” بهذه الرؤية من”ابناء الصمت ل” مجيد طوبيا والتي توضح إلى أي مدى يقسو الجندي على نفسه؛ فلا وقت لديه للأحزان ،فحمل السلاح مبدى عن أية مشاعر قلبية ؛فالعقل يحكم سيطرته على أكثر المشاعر الإنسانية استحقاقا للتلبية.
فبإرادة فولاذية يحيلها إلى طاقة وقوة تدفعه للمزيد من الاستبسال بغية استرداد حق الشهيد وزميل الخندق أو الكتيبة والفرقة العسكرية التي اردته يد الغدر، وافرغت رصاصاتها في جسده وسلبته الحياة . ويكون تحقيق النصر على الغادرين مأربا وغاية تكتنفها رغبة ملحة في اعطاء الموت والشهادة في سبيل الوطن جلال ما بعده جلال. ويصبح استرداد الحق رد اعتبار بالانتصار على العدو حتى يكون للاستشهاد جدواه، فلا تنتهك وتزهق الأرواح هباء ..اما عن السعادة التي ينالها الجنود؛ فالحزن المكتوم والفقد المحموم وصورة زملاء سقطوا يطغى على مخيلاتهم لا يفارق أذهانهم، ويطاردهم في احلامهم، فأطيافهم تظل تداعب الوجدان بذكريات الزمالة والأخوة والعشرة تحت خط النار ومعاينة الأخطار وسط جحيم القنابل والطلقات .
والحرب الضروس التي يخوضها جنودنا الأبطال على أرض سيناء الحبيبة تموج بقصص البطولة والتضحية والفداء، ربما اعتدناها من كثرتها وطول مدة الحرب_ حتى ظننا أن الحرب لا تدور رحاها ولا جثث تتناثر – لكن لا نستطيع أن نتجاهل عظمة الدور الذي يأخذونه على عاتقهم حتى نعيش نحن في سلام. ونتذكر فداحة وهول الأمر بمجرد النظر إلى عين زوجة شهيد أو أبنائه أو والديه لحظتها فقط نستشعر فداحة الأمر ومدى الألم المتمكن والمتمركز في جوف القلوب ،وهنا يبرز عمق اللفتات الإنسانية التي تحرص قيادتنا السياسية على القيام بها تجاه أسر شهداء الجيش والشرطة من رعاية لأسرهم وتكريم بمنح النياشين والأنواط في محاولة للتربيت والهدهدة لمداواة ولملمة الجروح، وتبيان ان الوطن لا ولن يتخلى عمن اريقت دماهم على رمال سيناء الحبيبة ومن هانت أرواحهم على نفوسهم ابتغاء رفعة الوطن فهم في حضن مصرنا المحروسة قبل الرحيل وبعده ..فلمسات الوفاء المضمدة لجراح الفقد هي اضعف الايمان .
فالوطن لا ينسى أبناءه ويكرمهم ويحتفي بهم، من منا يستطيع أن يمحي من ذاكرة وجدانه هذه الوقفات التي تحرص عليها الدولة المصرية؟!
لذلك نتوجه بحديثنا لمن يستهينون بدور جنودنا البواسل الشجعان ولا يلقون بالا لما يكابدونه ،ممثلة في الحرمان من ابسط حقوق بني الإنسان، فيعانون مكابدة الحزن، وحبس الدموع في المأقي، وكتم الافتقاد بين الضلوع للمضي قدما في تقديم المزيد من الدماء الطاهرة سمادا وريا لأرض الوطن؛ حتى ينعم أهله بالأمن والأمان؛نقول لهؤلاء: لم لاتصمتون إلى الأبد ،شبعنا هراءات محمومة بالكراهية لكل غال ونفيس في مصرنا المحروسة، وطفح بنا الكيل وليتكم تتجردون من جنسيتكم المصرية طالما تتكبرون عليها ،فأنتم عار بحق عليها، ولا يشرفني انا شخصيا أن تزاملوني في المواطنة والهوية بالانتساب إلى هذا البلد العظيم ،وظني ان كل مصري شريف يشاطرني هذآ الرأي يقينا ؛فلابد من تطهير وعمل مصفاة وغربلة لاستحقاقات يستخفون بها وهم ليسوا كفأ لها ينبغي حرمانهم منها والإلقاء بهم خارج منظومتنا الاجتماعية . اما ان الأوان أن نتربص نحن بهؤلاء في ضربة قاصمة ونلاحقهم بقوانين رادعة تقطع دابرهم والسنتهم التي تقطر سموما زعافا على خير اجناد الأرض؟! فلا هم لهم سوى الدولار واليورو فلا وطن يعنيهم ولا ملة تجمعهم ، فلا يعدون ان يكونوا نبتا شيطانيا وورماسرطانيا لابد من استئصاله ؛حتى لايتفشى وينتشر في الجسد كله فهي جراحة واجبة وملحة. نحن لسنا في عصر الأنبياء؛ لنقول لكل من تسول له نفسه ارتكاب “فعل الخيانة” بالقول والفعل: اذهبوا فأنتم الطلقاء! فعصر الأنبياء لم يكن بهذا التلوث الفكري والعقائدي، كما نرى في هذه الأيام التي اختلط فيها الماء والزيت! ولهؤلاء نقول أيضا: الجنسية المصرية شرف ما بعده شرف فلا نريدكم بقعة سوداء تدنس ثوبها الأبيض!